ما هو الحل لأزمة السجون في لبنان في ظل الأوضاع الراهنة؟

ترتبط أزمة السجون في لبنان بأزمات عديدة منها اقتصادي ومنها سياسي ومنها اجتماعي يرزح السجين تحت وطأة الإهمال والحرمان، في ظل حلقة من المفترض ان تكون مترابطة عند بناء مؤسسات الدولةالحديثة.

فالأزمةالاقتصادية رمت بأثقالهاعلى كافة المؤسسات حتى وصلت إلى السجين نفسه الذي شاء القدر أن يكون خلف القضبان. فموضوع السجون بات مستهلكاً لكن المشكلة تكمن في ازمة السجون بشكل عام في لبنان. فالرعاية الصحية والبيئة الصحيحة الملائمة حقان مقدسان من حقوق السجين لكن الوضع القائم في السجون اللبناني هو خرق لشرعة حقوق الانسان ومواثيق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فالسجين يستحق الرعاية ولو كان مجرماً والأسباب التي دفعت به الدخول إلى السجن هي الأساس بالموضوع والتطرق إليها يكون بداية لحلول قد يصعب تحقيقها في المدى القريب.

فالأزمة بدأت عند تأسيس الإدارة العامة مع لجوء الدولة إلى استئجار مباني لا تتناسب مع عمل المؤسسة العامة، حيث طغت المصالح الشخصية والمحسوبيات على أغلب الأبنية التي لا تنطبق عليها المواصفات اللازمة لكل قطاع من القطاعات العامة ومنها السجون بشكل خاص التي يستوجب تجهيزها وإدارتها العمل على خلق إنسان متابع يمكنه ممارسة أدنى متطلبات الحياة وجعل الثقافة باباً لمستقبله الجديد، خاصة بعد تطور أنواع الجرائم مع التطور التكنولوجي وتأخر المشرع في مواكبة التشريعات الحديثة وزيادة عدد السكان وما تبعه من أزمة اللاجئين السوريين، وتفشياً لأمارض، واعتكاف القضاة في بعض المراحل وانعكاس الأزمة الاقتصادية حكماً على السجين.

وهنا لا بد من الذهاب إلى أبعد من تعداد المشاكل والظروف عبر إلغاء السبب المؤدي إلى دخول السجن. فنكون قد عالجنا المشكلة قبل وقوعها، فبعض البلدان أقفلت السجون ولم تعد الحاجة لها ضرورة لأن مفهوم السجن ليس العقوبة إنما إصلاح الفرد الذي قام بخرق القانون.

ومن هنا جاءت فكرة الإصلاحية في القانون لبناء إنسان له حقوق وعليه موجبات يلتزم بها، فعند انتفاء السبب ينتفي العقاب الذي قد يكون رادعاً في أغلب الأحيان، فما علينا إلا الكشف عن أسباب الجريمة والظروف التي أحاطت بها وادت إلى وقوعها وكانت نتيجتها السجن والخروج منه بوضع أصعب من الحالة التي كانت سبباً لدخوله.

فالالتزام بتطبيق قانون منع التدخين يكون سبباً لتخفيض أعباء على الدولة لاحقاً لما يسببه (التدخين) من الالتزامات صحية اتجاه المواطن الذي قد يؤدي به إلى أمراض مستعصية.

- والالتزام بقانون السير عند إنشاء الجسور والتخطيط الصحيح وإنشاء الممارت الآمنة، يكون سبباً أيضاً لتوفير الحوادث وانعدام الوفيات.

- فالإحاطة بهذه الأمثال هي للتأكيد على أن وراء الجريمة سبب قد يكون اقتصادي في الأساس، أو ربما أسباب أخرى، كما ذكرنا.

وهنا قال نابليون "من فتح مدرسة أغلق سجناً، لكن للأسف نجد أن السجين هو ضحية إهمال سببه انهيار اقتصادي اجتماعي، ولو توفرت له عناصر الإنتاج والحد الأدنى من مستويات العيش الكريم لكان بموقعة مختلف عن الواقع الذي يعيش فيه كون بنية الدولة حلقة متكاملة، لو انكسرت في مكان ما لجعلت الثقة معدومة بين الدولة والمواطن.